إبراهيم عبد القادر المازني

من هو إبراهيم عبد القادر المازني

عصر إبراهيم عبد القادر المازني

   كانت مصر الدي ولادته في قلق واضطراب للاحتلال البريطاني. ونشأت في شبابها المتنورين عاطفة التحرر من العبودية، ما أدى إلى نشوء احزاب سياسية.

  ومن الناحية الاجتماعية كان هناك صراع بين المدنية الغربية والمدنية الشرقية. وبين القديم والجديد، فية محافظة تتمسك بما ورثته عن الآباء والأجداد، وفئة ثائرة عليه ، مندفعة على وجهها مع تيار المدنية الطاقي على البلاد.

    وكذلك الأمر في الحياة الفكرية، فالثقافة الغربية الجديدة التي غزت العالم العربي من وراء البحر. فتحت أمام أبنائه أفاقاً واسعة من المعرفة. وحركت فيهم الرغبة في الاستقاء من مشاهل العلوم الجديدة، فاندفعوا لموها، وكان لهذا الاندفاع تأثير واضح على أساليب تفكيرهم والإبانة. في عصر هذا التطور السياسي والاجتماعي والفكري نشأ المازني وخاض غمار الحياة الأدبية، وأصبح من أعلامها البلدين.

نشات وحيات إبراهيم عبد القادر المازني

      ولد إبراهيم عبد القادر المازني في القاهرة سنة ١٨٨٩م في بيئة دينية متواضعة، إذ كان أبوه محامياً شرعياً. ولم يحظ طويلاً برعاية أبيه. فقد مات أبوه وهو في سنيه الأولى، فاستولي أخوه الأكبر على مال والده، ويدده. فشب إبراهيم في عيش ضيق، وحالة ضنك، وعسر مالي، ورته والدته التي كانت حكيمة ذات حنان وعطف. يقول المازني عنها وأصفا حاله بعد وفاة أبيه : “صارت أمي هي الأب والأم ، ثم صارت مع الأيام الصديق والروح الملهم”.

إكمال دراسته الابتدائية

     بعد إكمال دراسته الابتدائية والثانوية طمح إلى الالتحاق بمدرسة الطب. لكنه لم يكد يدخل غرفة التشريح حتى أصابه غثيان شديد. فانصرف عن الطب، وفكر في الالتحاق بمدرسة الحقوق، إلا أن ضيـق ذات يده صرفه عنها. والتحق بمدرسة المعلمين حيـث أكمل دراسته العالية. ونال شهادتها في عام 1909م، وانخرط في سلك التعليم إلا أنه لم يكن ميالا إلى مهنة التعليم. فيقول:

     “أصبحت مدرسًا وحصلت على شهادة بذلك من الوزارة. ولكني لم أفرح بها لأن ذلك كان يكرهي”. وكان قد أراد تعلم الهندسة، فلم يجد لها الوسائل. عيّن أستاذاً للترجمة في المدرسة السعيدية ثم في مدرسة الخديوي. وترجم لتلاميذه قطعا مختلفة من كلية ودمنة” إلى الإنجليزية. كما ترجم لهم مـن هـذه اللغة كثيراً من نماذجها التي قرأها لكبار كتابها وشعراءها. 

إتجاه إلى صنع الشعر

     واتجه هذا الجيل إلى صنع الشعر على غرار ما يصنع الغربيون شعرهم الغنائي.  ونشر “شكري” أول محاولة للجماعة ممثلة في ديوانه ضوه الفجر”، وأشاد المازني بالمحاولة، وجر، ذلك إلى نقـد “حافظ” وشعره التقليدي نقداً عنيفاً. واتفق أن كان وزير التربية والتعليم حينئذ. أحمد حشمت (بات). صديقا لحافظ ، فنقل المازني إلى مدرسة العلوم، فغضب وقدم استقالته في سنة ١٩١٣م، وخرج إلى الحياة الحرة، فاشتغل مدرسة مع العقاد بالمدرسة الإعدادية ، وظل على ذلك أربع سنوات، أخرج فيها الجزء الأول من ديوانه سنة ١٩١٤م. ثم الجزء الثاني عام ١٩١٧م، وترك التعليم في سنة ١٩١٩م، وهي سنة الثورة المصرية، واحترف الصحافة والكتابة ، وقد رأس تحرير جريدتي “السياسة “و البلاغ”.

ثقافت  المازني

     لم تنحصر مطالعة المازني على الكتب الدراسية، بل كان طموحاً إلى العلم. فعكف على دراسة نوابغ الأدب العربي في عصوره المتقدمة. يقرأ في كتابات الجاحظ، وكتاب الأغاني، وفي الكامل للمبرد، والأمالي لأبي القالي، وغير ذلك من النثر العربي القديم. كما درس الشريف الرضي، و مهيار ، وابن الرومي ، والمتنبي، وأضرابـهـم مـن الشـعراء البارعين. ثم أقبل على الأدب الغربي، والفلسفة الأوربية، فصار ذا ثقافة عالية. قال زميله العقاد : إنه طالع دواوين الشعراء، والكتاب الأوربيين كـ “بيرون” ، و “شيلي و شكسبير”، وقرأ كتب النقد، وتاريخ الأدب في كتب النقاد الممتازين. كـ “هازليت”، وآرنولد، وماكولي، وسانتيري. وطائفة من كتاب المقالة الأدبية والنقدية والاجتمالية أمثال لاي هنت Leigh Hurt وتشـار الزلامي، وسويفت ، وأديسون، وأحـب الروائيين إليـه والترسكوت Scott و دیکنز Dickens ، وثاكري، وكنجزلي Kingsley.

     كانت هذه القراءات تحدث أثرها العميق في نفس المازني. لذلك يتحول من شاعر عاطفي يملأ نفسه بالمرارة والألم إلى نوع ساخر من الكتاب الذين يقللون من شأن الحياة. وبكـل مـن فيها وما فيها من أشخاص وأشياء وأماني وآلام. ويترك المدرسة الإعدادية، وينظم في سلك الصحافة إلى نهاية حياته

يقول شوقي ضيف:

“إنه حقا واحد من أفضل الكتاب القادرين على التحدث إلينا عن أداء مصري جديد ، وأدب حاد قائم على الفكر والعاطفة والسخرية.”. وإنه يتميز أيضاً بأسلوب خاص كان لا يتحرج فيه من استخدام بعض الكلمات العامية ما دامت توجد في العربية الفصيحة، وبذلك كـان لـه أسلوبه الشخصي الذي ينفرد به بين معاصريه، لا خصائصه اللفظية فحسب، بل أيضا عماله المعنوية، وما فيه من سخرية، وفكاهة مستملحة.

     وكان من السابقين إلى الإيمان بفكرة جامعة الدول العربية، فقد كتب في سنة ١٩٣٥م مقالا تحت عنوان” القومية العربية” دعا فيه إلى جمع كلمة العرب وأن تنتظمهم هيئة سياسية واحدة تؤلف بينهم ضد الاستعمار والمستعمرين.

نموذج من نثر إبراهيم عبد القادر المازني

     أهل المازني من نافذته فرأى الناس على اختلاف أحوالهـم وأشكالهم بمرون أمامه فتثال إليه الأفكار والخواطر، ويقص علينـا مـا أثارته في نفسه تلك المناظرة

“و تحت نافذتي اليوم معرض أزياء وأذواق، فإنه الأحد والساعة العاشرة. والنساء كثيرات على الرصيف في حفل شي، ومع بعضهن حقائب صغيرة. أو سلال فيها على الأرجح طعام وشراب ، ومع بعضهن أزواجهن، أو إخوتهن، أو أصدقائهن، وفيـهـن العجـوز والصغيرة والنصف. ولكنهن جميعاً في حفل من الزينة، وليس بينهن مصرية إلا أن تكون عابرة سبيل. ومن أين تجئ المصرية وهي لا تخرج إلا لقضاء حاجة، أو زيارة، أو سينما، أو نحو ذلك ، ولا تحسن أن تقضي ساعات الراحة أو يومها أو أيامها إلا في بيتها أو في مباذلها ولكـن هـؤلاء نادرات والنادر لا حكم له ولا قياس عليه.

ومعلوم أن الحال قد تغيرت عما كانت عليـه يـوم أطـل مـن نـافـذة داره ، على أن تلك النافذة قد تركت لنا مجموعة طريفة من أقواله.

ويكثر في أحاديث المازني الحوار بينه وبين من يحدثنا عنهم، ولعل ذلك في قصصه أظهر، وحواره كما تقول نعمات أحمد فؤاد : “كسائر كتابته تتمثل فيه البساطة التي لم يعـد عليـهـا الفـن، فلا يتكلف ، ولا يتعمل، ولا يفتعل الكلام افتعالاً”

نقد المازني

الذي يراجع نقد المازني بجده على نوعين : نوع اجتماعي يوجهه إلى بيته وما يراه فيها من تقاليد بالية، وعادات سخيفة، وتهافت على قشور الحياة دون البابها ، وأما النوع الثاني من نقده فهو “الأدبـي” ويظهر في كتابته بمظهرين أوليما دراساته لبعض رجال الأدب القديم، والثاني نقده لبعض الأدباء المعاصرين.

أما دراساته للقدماء فهي مسبوكة بروح نزيهة متعالية عن التعصب والهوى ، فإذا نظرت مثلا فيما كتبه عن بشار وابن الرومي والمتنبي وعمر الخيام رأيته يرسم لك كلا منهم في صورة تحليلية، تلك العقل، ويقدم لك آراءه مشفوعة بالأمثلة والشواهد المقنعة.

أما المعاصرون فهو يختار أسلوب التهجم والهجاء والسخرية ، فقد تهجم على حديث الأربعاء” لطه حسين، وشـوقي، وعبد الرحمن شكري ، ويعزو محمد مندور هذا التهجم والعنـف عـد المازني إلى مـا بيه مرض العصر” وهو حالة تنتاب الشباب من تصادم آمالهم بالواقع ،فيتولد فيهم السخط والتمرد والشكوى والأنين على أن المازني على حد  قول مندور قد أثبت أن هناك وسيلة أخرى التخليص النفـس مـن هـذا العذاب المستحكم وهذه الوسيلة هي الفلسفة الساخرة المستخفة”

المازني في مجال القصة

المازني في قصصه كاتب اجتماعي يستمد من بيئته وألوانها المحلية المصرية محللاً شخصيات قصصـه تحليلاً نفسياً واسعاً، باسطاً في هـذا التحليل وصف علاقات الرجل بالمرأة خلال أحداث وتجارب يومية، وهـو يتأثر في ذلك بالقصص الأوربي الواقعي التحليلي مما قرأء في الآداب الغربية المختلفة ، ويصور ذلك بأسلوبه الساخر، الذي يستعد السخرية فيـه مـن مفارقات الأمزجة ولختلاف الطبائع وما يقيمه في القصة من مآزق مختلفة.

شعر  إبراهيم عبد القادر المازني

شعر المازني على غرار شعر شكري، ليس فيه سياسة ولا وطنية، ولا دعوات اجتماعيـة ، وإنما هو تجربة نفسية تامة ، تجربة تفيض بالألم والكتابة إزاء الطبيعة والتفكير في النفس والحياة الإنسانية ومناهس البشرية. وقد كان صاحب نفس حساسة ، وقد مر بتجربة مريرة في حياته، وأصيب باليتم وهو صغير، وقد أصيب بالعرج إثر حادثة فتبرم من الحياة.

الختير عضواً بمجمع اللغة العربية تقديرا له ولمكانته الأدبية وما بذل من جهود غالية قيمة في الأدب العربي المعاصر، ولم يزل مكباً على التحرير في الصحف وإخراج القصص والأعمال الأدبية حتى وافاء أجلـه العــوم في سنة ١٩٤٩م.

مؤلفات عبد القادر المازن

  1.  حصاد الهشيم، ناقش فيـه عـن شكسبير، والتي، وابن الرومي ، ويترجم بعض رباعيات الخيام.
  2.  قبض الريح صدر عام ١٩٢٧ ، نقـد لآراء طه حسين في الأدب الجاملي
  3.  صندوق الدنيا ، صدر عام ١٩٢٩م، فيه أسلوب ساخر، والدعاية والسخرية.
  4.  إبراهيم الكاتب ، عام ١٩٣٢م، قصص قصيرة.
  5.  في الطريق ، عام 1936م.
  6.  ميدو وشركاؤه.
  7.  عود على بدء
  8.  ثلاثة رجال وامرأة.
  9. ع الماشي
  10.  إبراهيم الثاني
  11.  من النافلة
  12.  بيت الطاعة ، أو غريزة المرأة.
  13.  الشعر.
  14.  شعر حافظ
  15.  خيوط العنكبوت
  16.  السياسة المصرية والانقلاب الدستوري
  17.  بشار بن برد ،
  18.  رحلة الحجاز

ترجمان إبراهيم عبد القادر المازني

وللمازني بجانب ذلك جهد ممتاز في ترجمة بعض الذخائر الغربية، ومن أهم ما ترجمه :

“ابن الطبيعة والشاردة” و”مختارات من القصص الإنجليزي” وهو يعد في طليعة من حلقوا الترجمة والنقل من الآداب الأجنبية ، وقد برهن في ترجماتـه كـمـا برهن في كتاباته أن اللغة العربية مرنة ، وأنها تسع لكل المعاني الحديثة.

6 أفكار عن “من هو إبراهيم عبد القادر المازني”

  1. крім цього, педагоги вчаться визначати ознаки адаптації
    дитини до травматичних подій, policy
    обговорюють документацію працездатності в.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top