مصطفى صادق الرافعي

 من هو مصطفى صادق الرافعي

عصر الأستاذمصطفى  صادق الرافعي ۱۹۳۷-۱۸۸۰م ( ۱۲۹۸- ١٣٥٦هـ )

عاش مصطفى صادق الرافعي عصراً مليئاً بصور التحـول المصيري للشعوب. وتغيرت فيه كثير مـن مفاهيم الفكر، والسياسة والاجتماع، وتضاريت الآراء والاتجاهات ، بتأثير الحريات التي توافدت مع الحضارة الغربية. توزعت المذاهب ، وتفرقت المسالك ، وسلكت الأمم طرائق قدداً في الحياة المعاصرة.

وازداد اتصـال الـغـرب بالشـرق، وإهتمامـه بـه، وتبادل بينهما التراث، وتنافس العالم في الأخذ والعطاء. والتطلع إلى آفاق واسعة في الفكر، والأدب، بما كانت تمتـد بـه أسباب النهضـة مـن مخترعات العلـوم ، ومبتكرات الفنون. كما أشار إلى ذلك الدكتور عمر الدسوقي في كتابه “في الأدب الحديث”.

أسرة مصطفى صادق الرافعي

يرجع نسبه إلى أسرة معروفة في طربلس الشام. نزح أحدهـا إلى مصر، واستقر فيها. ثم تبعه غيره مـن هـذه الأسرة. واستوطنوا وادي النيل، ومنهم والده عبد الرازق. واشتغلوا فيها بالقضاء الشرعي.  فكان والده رئيسا للمحاكم الشرعية في كثير مـن أقاليم مصرية. وقد عين أحـد أفراد أسرة الرافعي وهو الشيخ عبد القادر الرافعي مفتيـا بعـد الإمام محمد عبده. فالبيئة التي نشأ فيها الرافعي كانت بيئة إسلامية عربية.

نشأة و حيات مصطفى صادق الرافعي

ولد مصطفى صادق بن عبد الرازق بن محمد بن سعيد بن أحمـد بـن عبد القادر الرافعي في بهتيم إحدى قرى محافظة القليوبية في يناير مـن عـام ۱۸۸۰م، الموافق ۱۲۹۸م. حفظه أبوه القرآن الكريم صغيراً ولقنه كثيراً من العلوم الإسلامية قبل أن يذهب إلى المدرسة. ثم تلقى دروسه الابتدائية في مدرسة دمنهور الابتدائية. ثم في المنصورة،

وحصل على الشهادة الابتدائية في السنة السابعة عشرة من عمره. عين على أثرهـا كـاتبـاً في محكـمـة طنطا الأهلية، ثم أصيب بمرض شديد خلف أثره البالغ على رأسه وصحته. ثم تطور المرض ليصيب أذنه فاشتدت آلامه وتزايدت معوقاته. فضعف سمعه حتى انتهى به الأمر إلى الصمم، وهو في سن الثلاثين من عمره.

وبعـد إصابته بالصم تعذر على الناس مخاطبته إلا بالكتابة إليه، فانقطع الرافعي إلى دراسة الكتب يعوض بها ما فاته في الدراسة في معاهد التعليم. فكسب من العلم والمعرفة ما لم يحصل كثيرون ممـن واصـلـوا دراساتهم التعليمية في المدارس و الجامعات.

وتفيـد كـتـب التراجم وبعـض مـن أرخـوا لسيرته أنه ظـل في محكمة طنطا إلى نهاية حياته. عاكفاً على الدراسة والبحث والتحقيق في مكتبة أبيه الحافلة بكتب الفقه والديـن. واللغة والآداب وبخاصة دواوين الشعر وكتب التراث الإسلامي، الأمر الذي زوده بثقافـة واسعة متنوعة ، فكـان يكتب المقالـة، والرسـالة ، والقصيدة، والدراسة النقدية والمقالة الصحفية ، ويؤرخ لآداب العرب ، وتراثهم ، وغير ذلك من فنون المعرفة التي تضمنتها آثاره النفيسة المتعددة المذاقات والاتجاهات .

فكان الرافعي أديباً حقاً، وشاعراً أصيلاً مطبوعاً، طلع نجمه في بداية القرن العشرين.

عاش الرافعي طوال حياته موظفاً صغيراً يتقاضى راتباً ضئيلاً يعيش عليه بقناعة لأن الوظيفة في حياته كانت وسيلة تعينه على العيش بالكفاف ليفرغ لنفسه بعد ذلك ، يقودها إلى العليا في مراتب الثقافة والأدب والفكر ليتسنم قممها العالية ويمثل مكانته اللائقة به بين كبار أدباء عصره.

وقد أشاد بمكانته في الأدب وقرظه محمود سامي البارودي رائـد الشعر الحديث ، والكاتب الأديب مصطفى لطفي المنفلوطي والإمام محمد عبده

في مجال التاليف

نشر الرافعي الجزء الأول من ديوانه سنة ١٩٠٢م والجزء الثاني عـام ١٩٠٣م وقرظهما محمود سامي البارودي. والجزء الثالث عام ۱۹۱۲م، وقرظه شاعر النيل حافظ إبراهيم.  وكان الرافعي قد نشر ديواناً مـن الشعر باسم “النظرات” عام ۱۹۰۸م، غير الديوان المذكور أعلاه. ويدل هـذا الديوان على ملكة في الشعر أصيلة وموهبة ناضجة.

وفي سنة ١٣٢٩ هـ مال الرافعي إلى النثر الأدبي، فأتى في هذا المجـال بأعمال باهرة، استوجبت الثناء والتقدير.

يقول سعد زغلول عن أدبه وبيانه “بيان كأنه تنزيل مـن التنزيل أو قبس من نور الذكر الكريم”.

ومن بواكيره تاريخ آداب العرب في ثلاثة أجزاء.  يشتمل كـل جـزء منها على بضعة أبواب ، نشر جزأه الأول سنة ١٩١١م. وفي العام التالي نشر جزأه الثاني وجعله في إعجاز القرآن والبلاغـة النبويـة. ثـم نـشـر كتابه “حديث القمر” سنة ١٩١٢م، وكتابه “المساكين” عام ١٩١٧م. ثم كتاب “رسائل الأحزان” ثم كتاب “السحاب الأحمر” ثم نشر كتابه” أوراق الـورد” عام ١٩٢٤م، وكتبه الأربعة “حديث القمر” و“رسائل الأحـزان” و“السحاب الأحمر” و “أوراق الورد” في الحب والزواج والمرأة والجمال.

وخاض الرافعي المعركة بين القديم و الجديـد التي أثارها الدكتـور طه حسين، ببحوثه ومقالاته. فألف الرافعي في هذه المعركة كتاب “تحت راية القرآن أو المعركة بين القديم والجديد”، وقد هاجم في كتابه هذا كتـاب “في الشعر الجاهلي” لطه حسين، وهاجم في كتابه “على السفود” المجددين من الشعراء.

وكتب في “الرسالة” الـتـي كـان يصدرهـا الدكتـور أحمـد حسـن الزيات، فشارك فيها بعدد من المقالات ثلاث سنوات (١٩٣٤ – ۱۹۳۷م) وقد جمعت هذه المقالات في كتاب “وحي القلم”.

لقد أدى الرافعى دوراً كبيراً في الدفاع عن حمى الإسلام وحمى التراث وحماية حصوننا المهددة أو المهدمة من داخلها. ووقف أمـام تـبـار التغريب في الأدب العربي، وكافح المذاهب الفكرية والأدبية الدخيلة موقفه من الحضارة الغربية.

موقفہ من الحضارۃ الغربیۃ

يقرر الرافعي أن الحضارة الغربية أطلقت حرية العقـل فتقدمـت وأطلقت حرية الغرائز والأهواء، فضلت وأضلت، فيقول :

“فالحضارة الغربية أطلقت حرية العقل تجدد وتبتدع. و أطلقـت مـن و رائها الأهواء تلذ و تتمع وتشتهي. فضربت الخير بالشر ضربة لم تقتـل. ولكنها تركت الآثار التي سبب القتل إذ لا تزال تمد مدهـا حتى تنتهي إلى غايتها. وذلك هو السر في أنه كلما تقادمت الأزمنة على هذه الحضارة ضج أهلها، وأحدثت عللاً اجتماعية لم تكن فيهم من قبل.

ولعب الرافعي دوراً كبيراً في تصحيح مسيرة الأدب العربي حتى لا تنقطع صلة هذا الأدب بتراثه ولا يفقد أصالته. ولا تشوه لغته تحت شعار تسهيل اللغة وقواعدها. أو يدعى إلى العامية بحجة صعوبة الفصحى وعدم صلاحيتها للحياة.

أسلوب مصطفى صادق الرافعي

مصطفى صادق الرافعي أديب راسخ لا يزل ولا ينحرف. وصير في حاذق، كأن كلماته دنانير مصقولة، يلفظ الدر وينفث السحر، قال الأمير شكيب أرسلان،

“إن العربية لم تنجب مثله من عدة قرون”

وقال محب الدين الخطيب في مجلة الفتح :

    “من خمسائة سنة وأكثر لم يحمل هذا القلـم كـاتب أمتن في العربية قولاً، وأبلغ معنى، وأغـزر حكمـة، وأوجـز في التعبير، عـن دقـائق الخواطر، من فقيد الأدب العربي مصطفى صادق الرافعي

ويقول الدكتـور مكارم الديـري الأستاذ المساعد بقسم الأدب والبلاغة كلية دار العلوم بجامعة الأزهر:

ينتمي الرافعي إلى الانجاء البياني المحافظ في الأدب، والذي اعتمد مجلة الأدب الإسلامي، عدد خاص عن مصطفى صادق الرافعي، العددان ٣٤-٤٤، ٢٠٠٤م. على استلهام النماذج الجيدة التي خلفتها عصـور الازدهار الأدبي وجعـل هذه النماذج قلباً للتعبير.

وكان أساس هذا الاتجاه : “اعتماد الفصحي في التعبير، ورفض العامية، وضرورة المحافظة على قوانين اللغة، ومميزاتها الخاصة، ورفض التقليد والجمود والتكلف والتعقيد وتطوير القيـم التعبىرىة”

ويتميز أسلوب الرافعي بالخصوبة والتنوع، والقدرة على الوصف ، ووصف الشخصيات، والجه الرافعي في أسلوبه إلى الشكل القصصي ليذهب الرتابة والملل عن القاري، ويقدم الفكرة بطريق غير مباشر، وهو راو مليح ومحدث ظريف ، ويتلون الخيال الأدبي عند الرافعي”.

ويتسم شعر الرافعي بالصياغة القديمة على شاكلة البارودي، وقد فسح للغزل في دواوينه كمـا فسح للتهاني والمشاعر الوطنية والإسلامية، وأحاسيس المرارة من حالة مصر الاجتماعية. ويبعث الرافعي شعور الثقة إلى أبناء وطنه.

وكان يهتم في شعره ونثره بقضية المرأة العربية محذراً لـها مـن المغالاة في تقليد الافرنجيات اللائي لا يعصمهن دين ولا عقيدة، وقد عني مع بوصف الطبيعة ووصف بعض المخترعات الحديثة.

كتبه

  1.  تاریخ آداب العرب في ثلاثة أجزاء,١٩١٨م
  2.  تحت راية القرآن أو المعركة بين القديم والجديد عام ١٩٢٦م
  3.  على السفود ، مجموعة مقالات نقدية. ١٩٣٠م
  4.  حديث القمر المجموعة فصول من الأدب التأملي ١٩١٢ م
  5.  رسائل الأحزان في فلسفة الجمال والحب، ١٩٢٤م
  6.  السراب الأحمر، ١٩٢٤م.
  7. أوراق الورد، ۱۹۳۱م.
  8. کتاب المساكين. ۱۹۱۷م
  9.  وحي القلم في ثلاثة أجزاء
  10.  كلمة كليمة
  11.  دیوان مصطفى صادق الرافعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top